التمثلات
لهذا المفهوم أهمية خاصة في مجال البحث الديداكتيكي، لأنه يلقي الضوء على نوعية التصورات الدهنية أو الفكرية القبلية لدى المتعلم، و التي تدخل في تفاعل مستمر خلال عملية بناء أي مفهوم من المفاهيم العلمية .
و لم يقتصر استعمال هذا المفهوم على الديداكتيك، فقد استخدم أيضا بكثافة في العديد من التخصصات العلمية الأخرى، و خاصة في إطار علم النفس الاجتماعي، فقد لجأ إليه الباحث 1S. Moscovici موسكوفيشي في أبحاثه لإلقاء الضوء على الدور الرئيسي الذي تلعبه التمثلات البيفردية interindividuelles في تحديد سلوكات و تفاعلات الأشخاص فيما بينهم داخل جماعة بشرية. و الجدير بالذكر أن هذا التصور قد استقاه موسكوفيشي من الانتربولوجي Lu levy Bruhl الذي وظفه في تحليل ما أسماه بالعقلية البدائية
في تعريفه لـمفهوم التمثلات يؤكد جويلي Jouelet
" إنها شكل من أشكال المعرفة، يتم وضعه و اقتسامه اجتماعيا و له هدف عملي إذ ساهم في بناء واقع مشترك بين أفراد ضمن بينية اجتماعية معينة ".
و الجدير بالذكر أن التمثلات يمكن أن تتنوع بتنوع الوسط الاجتماعي الذي ينتمي إليه الفرد، و هكذا نجد فرقا واضحا بين التمثلات إذا انتقلنا من وسط قروي إلى وسط حضري، كما يمكن أن تختلف باختلاف المنشأ الاجتماعي للأفراد و انتماءاتهم الاجتماعية.
استخدم مفهوم التمثل أو التصور في أعمال بياجي ليدل على مجموع التصورات الفكرية التي تتكون لدى الذات حول الموضوع من خلال تفاعلهما المستمر، فهذه التصورات هي بمثابة تأويلات تستند على عملية تلاءم مع خصائص الموضوع، و بعدها إلى استيعاب " المعلومات " الصادرة عن الموضوع في إطار البنيات الذهنية التي تشكلت في مرحلة ما من مراحل نمو الفرد / الذات.
و في إطار التحليل النفسي و رد مفهوم التمثل، فقد أثار في مناسبات عدة إلى أن تجاربنا اليومية و الأكثر حميمية تضعنا أمام أفكار تخامرنا و لا نعرف مصدرها و الكيفية التي نتجت بها.
و قد كتب ميشيل سانر M Sanner موضحا الوظيفة التنظيمية للاستيهامات fantasmes في بناء المفاهيم، فقوة الصورة و الإشارة توجد في قلب الفهم الحقيقي للتمثلات.
يقولSanner ، مبينا الطريق المؤدي إلى فهم التمثلات، أن هذا الطريق يمر عبر رصد مسار التبادلات المستمرة التي تتم على مستوى الـمخيال، بدون توقف بين للاندفاعات pulsions الذاتية المستوعية assimilatrice من جهة و الحميميات الموضوعية الناتجة و المتعلقة بالوسط الطبيعي و الاجتماعي "1 من جهة ثانية.
بالنسبة لكل ما سبق، يبدو أن البعد المعرفي للتمثلات هو البعد الأكثر أهمية من وجهة نظرنا الديداكتيكية، لأنها تشير إلى نوع من النظريات الشخصية التي تمنح للفرد / المتعلم تفسيرا أو تأويلا للظواهر الملموسة أو المجردة.
و في سياق العملية التعليمية التعلمية، يمثل حضور التمثلات لدى المتعلم عنصرا أساسيا فهي من العناصر الذي تحدد " أسلوب التعلم " و التي تستدعي الرصد و التوقف بدل الإهمال و عدم الاكتراث .
وظائف التمثلات :
يبدو أن كل الباحثين الذين استعملوا مفهوم التمثل، قد أجمعوا على أن وجود تمثلات لدى الفرد، هو وجود وظيفي لأنها تتيح له تلبية بعض الحاجات الأساسية : فلنتذكر هنا الدور الوظيفي الذي أعطاه جان بياجي لـمفهوم المعرفة (تصورا كانت أم سيرورة) و هو الدور التوازني، إذ أنها تمنح الفرد إمكانية التكيف مع محيطه، الشيء الذي يمكنه من تحقيق ما أسماه بياجي بالتكيف الثانوي (النفسي) في مقابل التكيف البدائي (العضوي).
هذه الخاصية الوظيفية للمثلات برزت أيضا في كتابات Moscovici عندما أكد أن هذه التمثلات تلعب وظيفتان بالنسبة للأفراد، فهي تتيح لهم من جهة إمكانية تنظيم و ترتيب إدراكاتهم حتى يتمكنوا من توجيه تصرفاتهم داخل المحيط الذي يعيشون داخله، كما تمكنهم من جهة ثانية، من إقامة تواصل فيما بينهم من خلال وضع ضوابط لتواصل تواريخهم الشخصية و الجماعية
أما على المستوى المعرفي، فقد بين دينيسDenis سنة 1989 أن التمثلات تلعب على الأقل أربعة أدوار أساسية:
أولا - الحفاظ على المعلومات، بما في ذلك المعلومات المتعلقة بالبنيات و العلاقات.
ثانيا – كأداة لتخطيط الأنشطة و الأفعال
ثالثا – تنظيم و تنسيق المعارف.
رابعا – دور التواصل أي الاندماج في أنظمة معقدة كثيرا أو قليلا لتبادل المعلومات.
أما جيوردان و فيشي Giordan et Vecchi فقد أكدا على ثلاثة وظائف متميزة للتمثلات و هي :
أولا – وظيفة لحفظ أو الاحتفاظ بالمعارف التي لم يعد من الممكن الوصول إليها بشكل آتي و مباشر. و أهمية هذه الوظيفة تتجلى في تمكن الفرد من الحفاظ على المعلومات الضرورية لمواجهة وضعيات جديدة .
ثانيا – وظيفة التنسيق و التنظيم و تسمح للفرد بإقامة العلاقات المناسبة لكي يسهل عليه تذكرها و إعادة إنتاجها.
و أخيرا، تمكن التمثلاث من تنظيم و بنينة إدراك الواقع تمهيدا لنشاط معين أو لتوقع محدد .
كل هذه الوظائف تتحرك و تنشط، في كل مرة، يجد فيها الفرد نفسه مشكلة أو وضعية معينة
كيف تتكون التمثلات ؟
لم يفت الباحثين أن يطرحوا إشكالية تكوين التمثلات، فقد عكف السوسيولوجيون و السيكو سوسيولوجيون و السيكولوجيون على دراسة هذه الإشكالية لتوضيح الكيفية التي تتكون حسبها التمثلات
و الآليات المختلفة التي تساهم في تشكلها لدى الأفراد.
و الآليات المختلفة التي تساهم في تشكلها لدى الأفراد.
ففي أعمال الباحث Moscovici موسكوفيشي، نجد الحديث عن آلتين أساسيتين وراء تكون التمثلات، و هما :
آلية الموضعةObjectivation : و يحددها موسكوفيشي بكونها عبارة " تنظيم خاص للمعارف المتعلقة بالموضوع " و هي معارف جزئية تم انتقاؤها من خلال مجمل المعلومات الرائجة مجتمعيا. في مرحلة أولى تتكون لدى الفرد خطاطة من الصور و هنا يتمكن الفرد من تكوين ما يمكن تسميته بصورة عن المفاهيم … و عن طريق التطيبع naturalisation المرحلة الثانية للموضعة، تصبح الخطاطة بديهية أي واقعا اجتماعيا تفصل عن سياقها و تصبح قابلة للاستعمال في سياقات مختلفة و متعددة و تستعصي عن التساؤل و يصل الأمر إلى حد ينسى منعه أنه المصدر الذي ابتدع ذلك التصور أو تلك الفكرة.
آلية الترسيخ ancrage : أي " التأثير الذي تمارسه قيمة مرجعية في تصور جملة من المثيرات " ..
فيصبح الترسيخ كنسق مرجعي، و بذلك يمثل نوعا من الامتداد لعملية الـموضعة، فيصبح التمثل هو تلك الشبكة التي يرى منها الواقع " .
و على هذا الأساس، يمكن القول أن التمثلات تتكون أولا بالانطلاق من التجارب الشخصية أو الجماعية المعيشة، فتدمج فيما بعد في حياة الفرد كإطار مرجعي للتأويل، و العمل معا .
أما بالنسبة لجيوردان و فيشي فإن تكون التمثلات المعرفية يتم في سياق سيرورة التعلم لأن :
" الواقع هو منبع ما يراه الفرد، غير أن الواقع يقارب و يقطع و يشفر و يستثمر وفقا للأسئلة و للإطار المرجعي و العمليات الذهنية للمتعلم الشيء الذي يسمح بتشكيل شبكة للقراءة قابلة للتطبيق على محيطه ".
الوضع الديداكتيكي للتمثلات
لطالما اعتبرت تمثلات المتعلمين و كأنها مجرد أخطاء ناتجة عن سوء فهم أو انعدام القدرة على الفهم الصحيح، و لذلك تترك جانبا و يخضع المتعلمون " تكثيفا " دراسي حتى يتجاوزوا حاله لسوء الفهم التي يعانون منها .
ديداكتيكيا أصبح أمر التعامل مع تمثلات المتعلمين مسألة في غاية الأهمية باعتبارها " نظريات " مسؤوله، بصورة أساسية على طريقة تصور و فهم و إدراك المتعلمين لما يعرض عليهم من أنشطة و معلومات و مفاهيم.إنها في الواقع تشكل الفارق الموجود بين المعرفة الشائعة و المعرفة العلمية.
إن دراسة تمثلات المتعلمين ليست مجرد عملية صادرة عن وجهات نظر شخصية، بل إنها تنطلق أساسا من مواقف إبستمولوجية و إسيوكولولجية محددة، تتخذ في سياقها التمثلات وضعا معينا، إما بكونها أخطاء أي معرفة ما قبل علمية، أو معيقات تحول دون بناء معارف جديدة، أو معارف أولية قد تشكل أساسا للمعرفة الجديدة .
و أهمية التعرف على الخلفيات الإبستمولوجية للدراسات المهتمة بالتمثلات تكمن في كونها تفصح إلى حد بعيد عن نوعية المقاربة الديداكتيكية و البيداغوجية التي ستحدد نمط التعامل معها و مع حاملها، أي الـمتعلم .
و في هذا السياق أبرز أبيمبولا Abinbola(1988) أن هناك مدرستان إبستولوجيتان تميزان أنماط المقاربات الديداكتيكية و البيداغوجية لمفهوم التمثلات :
أولا – الاختبارية المنطقيةempirisme logique :
و ترى أن المعرفية العلمية تتطور بشكل خطي، فكل نظرية جديدة هي إكمال و تتميم لـما سبقها من نظريات. و الجديد العلمي هو بالدرجة الأولى خلاصة لملاحظات و تجارب متنوعة.
في هذا الإطار، ينظر إلى التمثلات كمعارف دون المعرفة العلمية، إنها " أخطاء " أو " اعتقادات خاطئة " أو تصورات مخطئة على حد التعبيرات المفضلة لدى الاختباريين.
و يترتب عن هذا المنطلق من الناحية الديداكتيكية، البحث عن سبل و طرق معينة لتصحيح، مثل تلك التصورات المخطئة الموجودة لدى المتعلمين و التشبث فقط بتقنيات الملاحظة و التجربة باعتبارها السبل الكفيلة بالوصول إلى المعرفة العلمية الدقيقة .
ثانيا – البنائية Constructivisme :
المعرفة العلمية تتطور وفق قفزات ثورية تتمثل في إعادة تنظيم داخلي للمفاهيم و التصورات النظرية. و من هنا ينتفي التطور الخطي للعلم الذي ينطلق من مفهوم تراكم المعرفة، ليحل محله مفهوم البناء أو إعادة البناء التي يدل على أن تطور العلم هو تطور نوعي يقلب الإشكاليات و يعدلها، و يسفر عن بناءات معرفية جديدة. و بعد التفاعل بين العقل و الواقع، بين النظرية و التجربة، بين الذات و الموضوع، أحد الآليات الأساسية لبلوغ تلك البناءات .
من هنا، يمكن اعتبار التمثلات، معارف، تستوجب التعامل وفق موقفين :
· موقف يعتبرها معارف معيقة لا بد من إعادة النظر فيها أو حتى تحطيمها.
· موقف ينظر إليها كمعارف جزئية بدائية شائعة قد تعين على بناء المفاهيم العلمية الجديدة .
و في الترسيمة التالية ملخص للتوجهات الإبستمولوجية إزاء مفهوم التمثلات مرتبطة بالإختيارات الديداكتيكية و البيداغوجية المترتبة عنها
العوائق
يندرج هذا المقال في مجال بيداغوجية التدريس و خصوصاً تدريس المواد العلمية. فكيف يمكن أن نقدم عن طرائق و استراتيجيات تدرس هذه المواد؟
فمنذ حقب طويلة، لم يتجرأ أحد على تحديد مشاكل التعليم كعوائق حقيقية. نتكلم دائما عن عدم التمكن من المعرفة عن مشكل ضعف في المستوى، عن شكل قدرة التلميذ على الاستيعاب خصوصا بالنسبة للتعلمات السابقة، و هكذا ظلت المسألة مجرد وصف لصعوبة تقف حاجزا في تلقين العلوم.
من هنا نستشف أن الواجب فعله، أن تكون جميع الإجراءات التربوية منصبة على نتائج ملموسة تلاءم الأهداف المتوخات من التدريس هذه المواد، فهناك أفكار جدية بخصوص تعليم العلوم: تأليف الكتب المدرسية، طرق التدريس، و لكن رغم هذا التفكير الجاد، يظل العمل ناقصا على مستوى التمثلات، و تقييم التعبير الكتابي و الشفوي لدى الطلبة، زد على ذلك تحليل الكتب المدرسية فجميع هذه الحيثيات هي التي تؤهلنا للتدريس من خلال العوائق بهدف تحقيق جودة أفضل.
و هنا نحضر مسألة بناء و بلورة مشاريع التعليم و التخطيط لها كمرحلتين أساسيتين لتطوير استراتيجيات فعالة للتدريس.
و المرحلة التي تسبقها هي أولا و قبل كل شيء، ملاحظة و تشخيص المعيقات و التي أن تكون نابعة من المفاهيم التي يراد تلقينها، مما يسمح ببناء استراتيجيات للتدريس ملائمة و ناجحة وراصد لكل معيقات التعليم.
و كل إجراء تعليمي لا يأخذ بعين الاعتبار هذا الطرح، يكون مصيره الفشل فهناك مثلا معيقات تتعلق بالرغبة و الالتزام لدى المتعلم، وهي معيقات غير واردة، رغم أنها تمثل أسباب رئيسية كعائق للتعليم.
نِؤكد مرة أخرى على الأهمية القصوى الذي يكتسبها مفهوم الحاجز أو العائق في المجال النظري و التطبيقي. فالعديد من أعمال باحثين و منظرين اهتموا بهذا الجانب الأساسي في التدريس.
و نذكر على سبيل المثال: بروسو (1989)، فيينو (1986) سيير بينسكا (1989). الذي أوضحوا من خلال أعمالهم أن التعليم الذين يهدف شرح و فهم معرفي يظهر عوائق بالنسبة للذكاء، و سنرصد في أخر فقرة من مقالنا هذا: التوضيح بشكل ملموس التفكير النظري من خلال بعض عناصر التدريس تبين العوائق متعلقة بمقارنة فيزيائية-كيميائية، و حالة ظاهرة طاقية للنبتات الخضراء.
العوائق التي تحول دون التعليم:
تقدم كل معرفة كيفما كان نوعها يصطدم بعدد من المعيقات تحول دون تحقيق تلك المعرفة، نتكلم هنا عن معيق أي عن صعوبة في تعلم مفاهيم متعلقة بمادة معينة. ومن خلال معطيات لعدة أعمال عملية في هذا المجال ومن خلال أبحاث شخصية يمكن أن نقول بأن أنواع المعيقات متنوعة و متشعبة وهناك العديد من النصوص التاريخية التي نؤكد أن ضبط نفس المفهوم بنفس الضوابط العلمية قد احتاج لمجهودات مهمة مكنت من اجتياز العديد من المعيقات تطور المعرفة العلمية.
في الأقسام، يمكن للمتعلمين أن يعبروا عن صعوبات يمكن أن تعترضهم عبر تاريخ مواد أخرى.
في العمل اليومي لتدريس المواد، المعارف تقدم بشكل مغاير، ممنهج و منتظم لكي يتلاءم مع حاجيات التلاميذ و مستواهم العقلي و سنهم، فالمدرس، سواء بشكل صحيح أو خطأ، فهو مجبر على تلقين معارف تمثل اختلافا، في البعض الأحيان كبير جدا، إزاء المعارف الولية فالتبسيط في غالب الأحيان و إعادة الصياغات تصبح تجانب ولا تعكس حقيقة المعارف الأولية في صيغتها الحقيقية. فالمعارف تصبح خارج عن نطاق الواقعي، ما يجعلنا أمام تطور مفهوم مدرسي أو متعلق بمادة ما، و يرتبط هذا المفهوم الجديد بعدد من معيقات التعليم.
لنأخذ مثلا البيولوجيا، فاللغة المستعملة في هذا المجال ليس خاصة بالبيولوجيا فالكلمات المستعملة هي مأخوذة من اللغة العامة التي يمكن أن تستعمل في المجالات عدة. مما يكون عائقا لتطوير الحس لبيولوجي حسب المفهوم الملقن. و زيادة على كل هذا، فالمجال البيولوجيا تظل المفاهيم متجاهلة من طرف الأخصائيين، رغم أنه إذا تم التعمق في هذه المسائل، ستتضح العديد من العوائق التي لا تسمح للتلميذ ببناء مجموعة من المفاهيم العلمية.
ما هي مصادر معيقات التعلم:
إذا أردنا أن نأخذ بعين الاعتبار المعيقات في إطار التعليم لابد من المعرفة، ولو جزئية لمصادر المعيقات، فمن جهة هذه المعرفة تمكن من محاصرة هذه العوائق و من جهة أخرى، تسمح باستعمال أفضل على المستوى التربوي.
و تظل معرفة مصادر هذه المعيقات تحتاج من طرف المدرس كفايات محددة، هذه الكفايات يمكن أن يحمل عليها خلال التكوين في مراكز تكوين المدرسين، وهذا طبعاً ممكن إذا كانت كل عوامل التكوين كلها تجمع على إعطاء هذه الكفايات. وسيكون من العبث القول بأنه من الممكن معرفة كل مصادر المعيقات في التعليم. هذا لا يمنع من تقديم قائمة غير كاملة عن بعض أسباب هذه المعيقات:
* عوائق متعلقة باللغة.
* عوائق متعلقة بالتبسيط للمعرفة و المفاهيم من أجل التدريس.
* عوائق ناجمة عن طبيعة المادة.
*عوائق متعلقة بالمفاهيم الأساسية لفهم concept .
* عوائق متعلقة بالكتب المدرسية.
* عوائق متعلقة بالأمثلة المقترحة من طرف المدرس أو المراجع.
* عوائق ناجمة عن نمط التعلم لدى المتعلم.
* عوائق متعلقة بالإجراءات التربوية لدى المدرس.
بالنسبة للمعيقات على المستوى اللغوي:
يتطلب استخدام اللغة تحمل عدة مفاهيم علمية.
عقبات متعلقة باللغة:
كل تدريس يستوجب لغة تحمل عدة مفاهيم علمية، و هذه حقائق، فمثلا بالنسبة لعلم الإحياء الذي يمثل مجالا معرفياً غير رسمي بشكل تام، و الذي لا يعرف تمثلات رمزية متعددة، بل تظل التمثلات اللغوية تطغى عليه بشكل كبير..، ولهذا تصبح المفردات المستعملة في التدريس ذات أهمية قصوى لتمرير المفاهيم العلمية من طرف المدرسين، و لكن الإشكال الذي يطرح نفسه: هل المدرس له الكفايات الكفيلة بتدريس هذه المفاهيم؟ ومن هنا نستشف أن بعض العوائق تظل رهينة بالخطاب الذي يتبناه المدرس خلال الإجراءات التربوية.
و هناك عوائق أخرى متعلقة بالكفايات المتعلقة بكتابة و شرح المفاهيم العلمية، و هذا يظهر جلياً في أعمال دورنيران و روبير (1991).
· عقبات متعلقة بتبسيط المعارف من أجل تدريسها:
إن المعارف العلمية تنضبط لتغييرات أساسية لتصبح معرف مواد و قابلة للتدريس. و هذه الأشكال الجديدة للمفاهيم يمكن أن تصبح عقبات للتعلم بالنسبة للمتعلم، رغم أن تغيير المعرفة الرهين بالإنتقال الديداكتيكي ليس المشكل الأعظم، فهو إشكال لا مفر منه لكي تصبح المعرفة في المتناول.
و هناك عمليات تربوية خاصة تقلل عدد هذه المعيقات. هذه العمليات تتمحور حول إجراءات تستنبط المعطيات الأساسية لبناء استراتيجيات و طرائق رهينة بتوفير تدريس في المستوى.
و نحن لا نزعم أننا سنعطي قائمة كاملة بجميع الطرق، و نقدم بعضاَ منها:
- تحليل التاريخ –تحليل مفاهيمي للمعرفة
– تقييم شخصي للتعلمات السابقة
– تحليل متعمق للعقبات
– تحليل التمثلات المتعلقة بالمعرفة المراد تدريسها
– معرفة أساليب التعليم لدى التلميذ تصور و بناء استراتجيات modelisation
– تحليل المفاهيم القريبة من مجال المادة المدرسة.
· عقبات متعلقة بطبيعة المعرفة:
إن عملية التدريس و خصوصاً لمدة طويلة يجعلنا نأخذ بعين الاعتبار مسألة تعقد المفاهيم العلمية و هذا ما تؤكده عدة أعمال ديداكتيكية. إذا يظل مجرد تقديم المفاهيم غير كاف، ففي بعض الحالات لكي تتم مقاربة الإشكاليات التي تحيلنا على هذه المفاهيم. و من الطبيعي أن نعرف أن بعض المدرسين لا يعرفون ما هو المفهوم العلمي حسب مدران (1898) و بهذا الخصوص لابد من إجراءات مصاحبة و متكررة لتحدي العقبات المتعلقة بالمادة المدرسة.
· عقبات نابعة من الكتاب المدرسي:
الكل متفق على الكتب المدرسية تلعب دوراً أساسياً لأنها تظل المرجع ذو الأولوية الكبرى بالنسبة للمتعلم. و لكن التعابير، طريقة التقديم، و الأمثلة المقترحة لتلقين المعارف و المعلومات المدرسية، يمكن أن تكون حاجزاً لإستعاب سهل للمفاهيم التي تقترحها هذه المراجع و كذلك نوعية الأمثلة، و مقابلة مضامين من خلال إشكالات بنفس الوحدة. إن تأليف الكتاب المدرسي و الترجمة الكتابية للمعارف بشكل صحيح، تبقى عملية صعبة جداً، لأنها تستوجب كفايات، لغوية، تربوية، ديداكتيكية و أسلوبية، و كل هذه الكفاءات لا يتوفر عليها المؤلفون دائماً سواء على المستوى القطاع المدرسي أو الجامعي.
و يظل الاستغلال البيداغوجي للمراجع عاملاً أساسياً للتدريس، و لكن شريطة أن ينضبط لنظرة انعكاسية لدى المدرس. و كل هذه التحليلات أساسية لتجعل استعمال المراجع ذات فائدة.
· عوائق متعلقة بالأمثلة المقترحة من طرف المدرس أو من طرف المراجع المدرسية:
إن تدريس جميع المواد العلمية يستعمل أمثلة للشرح، و طرح الإشكاليات أو سبق حول تطور قبلي لحالة ما. و اختيار أنشطة للتكييف الإجراءات الديداكتيكية ذات الأهمية الأولية لأنها هي التي تتحكم في التعلمات و تطورها. و تظل الأنشطة البيداغوجية منصبة على أمثلة يمكن أن تكون حاجزاً لفهم المعرفة إذا ما لم تؤخذ بعض الإحتياطات من طرف المدرس.
و يجب أن نشير إلى أن التكوين المؤهل من طرف المدرس يمثل مساراً ممكناً للحصول على الكفايات التي تسمح للمدرس لكي يقود بشكل ملائم أنشطة التدريس، و يختار الأمثلة الجيدة.
ü العوائق المتعلقة بالتمثلات لدى التلميذ أو الأستاذ:
إن التلميذ في المسار الدراسي الرسمي، يحمل معه تمثلات معينة حول مفهوم علمي أو شرح معلومات وهي معارف تستوجب طرقاً خاصة في التعامل معها. لأنها في الحقيقة الأمر معرفة وظيفية و عملية. و بالنسبة للمدرس، فهو يهيء و يبني الوحدات التربوية من خلال تمثلات تتحكم بشكل كلي في أنشطته البيداغوجية المبرمجة. و في كلتا الحلتين، هذه التمثلات تكون مصدراً لعقبات يجب أن ندرك كيف نتعامل معها حتى نؤمن أنشطة بيداغوجية كفيلة بأن توفر للتلميذ معرفة دائمة و ذات معنى.
فمثلا، اعتبار أن المفهوم العلمي هو مفهوم إجرائي، مسألة كذلك إعطاء قيمة manipulation في الأنشطة التعليمية، و لا ننسى اعتماد النهج التحليلي سواء من طرف المدرس أو من طرف المتعلم، هذه كلها عوامل تحكم جودة التعلمات منهجة، و كذلك طبيعتها المتطورة من جهة أخرى.
و نقدم عمل أورلاندي (1994) الذي يسمح بفهم تأثير المفاهيم لدى المدرسين حول الطريقة التجريبية على طبيعة الطرق البيداغوجية المستعملة، و كل المشاريع البيداغوجية التي لا تأخذ بعين الاعتبار هذه المفاهيم ليست سوى خطابات جذابة و لكن غير مقنعة بالنسبة للتلاميذ ولن يكون لها أي تأثير فعال بخصوص كفايات التلميذ، و ذلك لأنها لا تعتمد إدماج المعرفة الملقنة، و كل الأفكار المسبقة و المختارة يمكن أن تمثل عائق حقيقي لاستيعاب المعرفة الجديدة سواء على المستوى المدرسي أو الجامعي.
· عوائق متعلقة بأسلوب التعلم لدى التلميذ:
ليست كل الأنشطة المقترحة من طرف الأستاذ ملائمة لأسلوب أو طريقة التعلم لدى التلميذ. فبشكل عام، ففكرة المشاريع التعلمية لا تحترم مسألة تعلم التلميذ، مما يحدث عدم تناغم بين الأنشطة المقترحة، بل المفروضة و طرق التعليم لدى التلاميذ، في نفس السياق، يمكن ان نتحدث عن التمثلات اللغوية التي تطغى على المعرفة في حين أن بعض التلاميذ أكثر تقبلا للعروض الرمزية: رياضيات أو أشكال هندسية.
و هذا واضح أكثر بالنسبة للمواد التي تتطرق لعمل أو وصف النظم الطبيعية أو الإصطناعية.
ü معيقات متعلقة بالإجراءات التعلمية التي يقوم بها الأستاذ:
إن مشاريع التعلم المتبناة من قبل الأستاذ تستند إلى أمثلة و قوالب لفظية، و عبارات، و تمثلات و طرائف بيداغوجية و كذلك و سائل بيداغوجية إلى أخره، و هي مجموعة من الآليات و الوسائل التي تسمح بأجرأة خطط عمل و مشاريع التعلم. و في حقيقة الأمر يظل اللجوء إلى هاته الآليات قصد تسهيل عملية التعليم، مولداً لعقبات التعلم. و مرة أخرى تبقى جودة تكوين المدرس هي الوحيدة المحددة لطبيعة و عدد العوائق.
و التكوين الذي تلقاه المدرس هو الذي يؤهله لضبط عدد هذه المعيقات، و خلف إجراءات و أنشطة تقضي على هذه العوائق.
نحن لا نقترح هنا تصنيفاً مغلقاً لجميع عقبات التعلم، بل فقط هي افتراضات حول مصدر و طبيعة العقبات التي تعترض الطريق إلى تعلمات ذات معنى و وظيفة، تعلمات مفاهيم عملية هي الهدف من جميع الأنشطة البيداغوجية، طبعاً كل فئة هنا يمكن أن تشكل منطلقاً للتفكير و البحث عن حقيقة نوعية العقبة أو العائق. لا بد من القيام بأعمال و أبحاث تندرج في اطار عقلنة و المصادقة، إن كل محاولة تهدف تعريف العائق للتعلم تتطلب عملا فيه بعض المجازفة لأن صعوبة بناء تعريف يشتمل مجموعة تطبعها اختلافات مهمة بالنسبة للعقبات استيعاب المعرفة، و سيكون من المهم أن نحصر الوظيفة البيداغوجية للمعيقات لكي نستنبط العمليات التربوية المهمة. إن العديد من العقبات هي رهينة بتقديم المعرفة، و لا يمكن تجنبها و لكن إذا كان هناك تكوين أولي ممنهج و مصاحبة حقيقية للمدرس كل هذا سيمكن من فهم عقلاني و كذا تأطير جيد لهذه المعيقات و نؤكد على أن من أهم أبعاد مهنة التدريس إدارة المخاطر المرتبطة بالحواجز التي تعترض التعلم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق