الأربعاء، 25 أبريل 2018

التدبير انواعه.



مدخل
يعد التدبير واحد من الكفايات المهنية الأساس التي يتوجب امتلاكها و التحكم فيه نظريا عبر مقولاتها و  المقاربات البيداغوجية المندرجة فيها، و عمليا عبر مجموعة من التدخلات الديداكتيكية التي تنسجم مع الأهداف و الشروط الفعلية للتعلم.
فالتدبير هو الكفاية التي تحقق التعليم و التعلم، و بالتالي هو الفعل الديداكتيكي الحاسم الذي يمنح تحققا فعليا للتعلم بشكل فعال.
في علاقته بالتخطيط يبدو التدبير هو مجموعة التدخلات التي يقوم بها المدرس لتفعيل معطيات التخطيط على ارض الواقع، فالتخطيط هو تدبير افتراض، و التدبير هو تخطيط أخذ لبوسا واقعيا.
ما هو التدبير الفعال؟ ما مستوياته و اجرءاته؟
  1. تعريف التدبير:
التدبير لغة من فعل دبر، بمعنى ساس وضعا على وجه معقول و نافع.
و بالمعنى البيداغوجي، فالتدبير هو مجموع التدخلات التي يقوم بها المدرس في الوضعية التعليمية التعلمية بما تتضمنه من شروط و معطيات واقعية، يتحتم عليه أخذها بعين الاعتبار في تحقيق الأهداف المسطرة بشكل فعال.
و يسمى أيضا بالاقتصاد السياسي للتعلم، إذ يتوخى نهج عقلانية لترشيد الموارد  في تحقيق الأهداف التعلمية بأقل تكلفة و بجودة عالية.
يحتل التدبير مكانة مهمة في العملية التربوية، لأن مجموع التخطيطات أو الهندسة التي يقوم بها بشكل قبلي و افتراض عبر التخطيط لا تكتسب شكلا واقعيا و حقيقيا إلا عبر التدبير. فالتدبير هو الذي يخلق التعلم و فعاليته هي التي تحقق القيمة التعلمية.
ما هي الوضعيات التي يعنيها التدبير؟
الوضعيات التعلمية هي  على أربعة أنواع، و تتطابق هذه الوضعيات مع أنواع و مراحل هيكلة الدرس أو الحصة التعلمية:
  • وضعيات الأنطلاق:
و تشمل بعض من هذه الاجراءات أو كلها: التذكير ، و التمهيد ، و رصد التمثلات، و التصريح بالموضوع و الأهداف و برنامج الدرس أو الحصة، تقديم الوضعية المشكلة…
  • وضعيات بناء التعلمات:
و تتضمن الفهم، و التحليل، و الاستنتاج، و التعميم، و التمرن، و الإدماج الجزئي
  • وضعيات تقويم التعلمات:
و تتضمن مجموع التدخلات التي تستهدف تقويم التعلمات، سواء كان تقويما تشخيصيا أو تكوينيا في نهاية الحصة أو الدرس أو في نهاية المرحلة أو تقويما إجماليا في نهاية الأسدس أو السنة الدراسية.
  • وضعيات المعالجة و الدعم:
و هي وضعيات تكون صريحة في زمانها و وسائلها، و غالبا ما تكون في نهاية الدرس أو الأسبوع التربوي أو نهاية المرحلة أو نهاية الأسدس الأول أو بعد المراقبة المستمرة أو التقويم الإجمالي إن كان غرضه تكوينيا و ليس اشهاديا.
  1. وظائف التدبير:
للتدبير وظائف متعددة ترتبط بطبيعة أنشطته و أهدافها، نذكر منها ما يأتي:
  • اجرأة التخطيط و تفعليل التعلمات، فالتعلم لا يصبح واقعة بيداغوجية إلا عبر أفعال التدبير المتصلة بمادة دراسية و مستوى معين في شروط زمانية و مكانية محددة.
  • عقلنة الموارد: إذا التخطيط هو مجرد رسم افتراضي و توقعي قبلي لمراحل التعلم فإن التدبير يتوخى تحقيق ذلك من خلال استثمار أمثل للموارد يتيح بلوغ الأهداف بأقل تكلفة ممكنة من حيث الزمن و الوسائل و الجهد.
  • تكييف التعلمات عبر تدخلات ديداكتيكية و أخرى بيداغوجية مع حاجات المتعلمين و قدراتهم و شروط البيئة التعلمية، فمجموع الأفعال التدبيرية الفعالة يجب أن تحقق النقل الديداكتيكي و الضبط البيداغوجي الضروريين لإتاحة الفرصة للمتعلمين في حدود ما هو ممكن من الوسائل و الموارد و القدرات لتحصيل الأهداف التعلمية.

  • مجالات التدبير:
تدبير التعلمات يتم عبر مستويات أو مجالات محددة هي:
  1. التدبير الديداكتيكي للأنشطة التعلمية:
يتم تدبير التعلمات من خلال اعتماد مقاربات و طرق بيداغوجية منها: منهجية حل المشكلات، مقاربة تدبير الفوارق التعلمية، العمل بالمجموعات، مقاربة التعلم بالمشروع…
النقل الديداكتيكي: تقديم التعلمات بشكل منظم على المستوى من البسيط إلى المركب، و من الملموس الى المجرد، ثم على المستوى الديداكتيكي- المنهجي تبعا لمراحل بناء الدرس كما هو مبين في الوثائق البيداغوجية لتدريس المادة.
  • تقديم التعلمات على المستوى المضمون بما يتناسب مع قدرات فهم و استيعاب المتعلمين، من خلال انتقاء التعلمات و تقديمها بشكل مبسط و عبر أمثلة و وضعيات ملموسة.
  • اختيار الأنشطة و تقديمها و تتبعها بشكل منظم و فعال عبر تقديم التوجيهات و التعليمات بشكل متدرج تساعد المتعلم على الفهم و انجاز ناجح للأنشطة التعلمية.
  • الحرص على التدرج من نشاط تعلمي إلى أخر، و من مرحلة مراحل الدرس بسلاسة و ترابط منهجي و منطقي من خلال التذكير بحصيلة المرحلة السابقة و التصريح بالترابط بين السابق و اللاحق.
  • التصريح بالموضوع و الهدف و المطلوب من المتعلمين في الأنشطة .
  • تقديم الأمثلة و التوضيحات الضرورية و المناسبة لقدرات و حاجات المتعلم و للموضوع المدرس و الأنشطة المقترحة.
  • تتبع أنشطة المتعلم و تقديم التوجيهات اللازمة عند الضرورة لمساعدته على الكشف عن الأخطاء و استمراره في النشاط، لأن الصعوبة قد تتحول إلى سبب في انسحابه من التعلم.
  1. التدبير الفيزيائي:
  • الفضاء
  • تهيئة فضاء التعلم بما يتناسب إيجابا مع أهداف الدرس و يساعد المتعلمين على العمل و التركيز الذهني و العمل النشط، باستبعاد المشوشات أو التقليل من تأثيرها، و توفير الظروف الملائمة من تهوية و إنارة و نظافة بشكل ملائمة.
  • عدم المبالغة في تزيين القسم لأن الزينة الزائدة تتحول إلى مصدر تشويش.
  • تنظيم تموضع التلاميذ في الفضاء التعلمي بما يسمح لهم بالعمل الجماعي و التعاوني و رؤية بعضهم البعض و السبورة.
  • ترك ممرات و مساحات فارغة تسمح للمتعلمين بالحركة المطلوبة في وضعيات الأنشطة كالمرور إلى السبورة أو لتصفح وثيقة أو مورد أو الاتصال بزميل له لطلب مساعدة.
  • الوسائل
  • تنظيم الوسائل و الأدوات و المعينات في أركان و مواضع خاصة بها تضمن سلامتها و تسمح بالولوج اليها.
  • إبعاد الوسيلة عن المجال البصري للمتعلم بمجرد الانتهاء منها، لأن وجودها قد يشوش على انتباه المتعلمين.
  • اختيار الوسيلة أو المعينات المناسبة لكل مرحلة من الدرس و لكل نشاط من أنشطة التعلم.
  • يوجه المدرس المتعلمين لكيفية استعمال الوسيلة أو المعينات و بإمكانه أن يقوم بمناولات أمامهم ترشدهم لكيفية الاستعمال.
  • التحقق من سلامة الوسائل و المعينات قبل و بعد استعمالها.
  • الحرص على تتبع استعمال الوسائل بما يضمن تجنب الضرر الذي يلحق بالمتعلم أو الوسيلة في حد ذاتها، إن تعلق الأمر بمواد أو أدوات قد تتضمن خطورة ما.
  • الزمن
يحتاج التعلم إلى الوقت و يحتاج المتعلم للوقت لينجز أنشطته، فلا يستقيم التعلم مع العجلة. لذلك يجب منح المتعلم الوقت الكافي للأنشطة المطلوبة منه.
و لتدبير مناسب للزمن يفترض من المدرس أن يقوم بالإجراءات التالية:
  • انتقاء الموارد و المحتويات السلهة و الضرورية التي تتناسب مع الوقت المتوفر,
  • اختيار الأنشطة البسيطة و المناسبة للمرحلة و التي يمكن بسرعة و فعالية,
  • عدم من الإكثار في الأنشطة و الاقتصار على الحد الأدنى و الفعال من الأنشطة في كل مرحلة من الدرس أو الحصة.
  • تذكير المتعلمين بالوقت المتاح لهم و تذكيرهم في لحظات من الانجاز بالوقت المتبقي لهم.
  • يمكن العمل بمجموعات غير متجانسة على أنشطة أو تعليمات مختلفة لربح الوقت بشرط تخصيص وقت للتقاسم حيث تقدم كل مجموعة تقريرا مفصلا على نشاطها حتى يفهم أعضاء المجموعات الأخرى الأنشطة التي لم يشتغلوا عليها.
  • تعزيز تركيز المتعلمين على النشاط و تنظيم عملهم حتى يتم ربح الوقت و التقدم في العمل.
  1. تدبير التفاعلات:
  • التفاعلات هي الديناميات التي تحص داخل الفصل بين أفراد جماعة التعلم بما فيهم المدرس كفرد له صلاحيات أوسع.
  • لا بد للمدرس أن يتحول من وضع المدرس و الملقن إلى وضع المنشط و المصاحب، فكلما تخلى المدرس على بعض صلاحياته و مسؤولياته لمصلحة المتعلم فإن ذلك يساعد على الرفع من جودة التعلمات.
  • من بين الأفعال التي يتوخى من المدرس القيام بها:
  • يكون المدرس مطالبا بإرساء أجواء سليمة و سلمية داخل الفصل تقوم على الإنصات النشط للحاجيات و حرية التعبير المسؤولة عن المواقف و وجهات النظر، و الحق في التعلم تبعا للحاجات و القدرات الخاصة بكل متعلم.
  • يقوم المدرس يتتبع و يشرف فقط و لا يقدم المعلومات الجاهزة و لا الحلول بدل المتعلمين، إنه يوجه و يسأل، و يقدم بعض إنصاف الحلول عند الضرورة القصوى.
  • يعتمد المدرس على طرق تسمح بالعمل الجماعي في مجموعات ليكون المتعلمون في وضعيات الشركاء، و مواقف التكامل و التضامن و الإسهام الايجابي في عمل داخل فريق.
  • الحرص على تتبع تنظيم العمل و توزيع المهام داخل مجموعات بين المتعلمين.
  • يسهر المدرس كمنشط على وضع ميثاق عمل و سير الفصل من خلال بنود متفاوض عليها موضوعة بشراكة بين المدرس و المتعلمين.
  • يحرص المدرس على ضمان شروط السلامة الجسدية و النفسية و المعنوية لكل متعلم، بعيدا عن كل أشكال العنف المادي أو اللفظي.
  • يضمن المدرس الشروط الايجابية لكل متعلم لكي يعبر عن حاجاته و رأيه و موقفه بما يناسب و الطرق المقبولة بعيدا عن التهميش أو المضايقة.
  • يحرص المدرس على اعتماد منهجية الحوار و النقاش بين المتعلمين في بناء التعلمات و صياغة التسويات من خلال التبرير و الحجاج.
  • يعتمد المدرس أسلوبا في التدريس يكون مرحا و محفزا للانتباه و معززا للثقة، و ذلك باعتماد مبدأ الديمقراطية التشاركية، و المرح الذي يكسر الملل و يبعد القلق، لكن مع الحرص على الصرامة في حال الإخلال ببنود الميثاق البيداغوجي.
  • تكليف المتعلمين بمهام تدبير الفصل بمسؤوليات محددة و بشكل تناوبي.
  • تشكيل مجلس حكماء القسم تكون مهمته استشارية لتدبير النزاعات بين المتعلمين بشكل عادل و تشاركي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق